الذين جعلوا أعمالهم خالصة لله تعالى وحده , لا يريدون من الناس جزاء ولا شكورا , ولا مدحا أو ذما , ولا يريدون من الناس أن يوسعوا لهم في المجالس ولا أن يفسحوا لهم في الطرق , فهؤلاء يستحقون أعلى أوسمة الشرف ولكن من الله تعالى حيث يجعل قلوبهم مصابيح للهدى وأخلاقهم منابر للقدوة , وقد تكفل الله تعالى بإخراجهم سالمين معافين من كل فتنة , ثم يجعلهم شامة وعلامة لأهل الإخلاص يوم القيامة , فيعطيهم وسام المغفرة والأجر الكبير ووسام دخول الجنة والتنعم فيها ,ووسام رؤية وجه الله الكريم , وهم الذين قال الله تعالى فيهم : " إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ (12) سورة الملك , وقال فيهم : " إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَخْبَتُوا إِلَى رَبِّهِمْ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (23) سورة هود , وقال فيهم : " وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (22) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ (23) سورة القيامة , كما قال النبي صلى الله عليه وسلم فيهم , عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ، أَنَّهُ خَرَجَ يَوْمًا إِلَى مَسْجِدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَوَجَدَ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ قَاعِدًا عِنْدَ قَبْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَبْكِي ، فَقَالَ : مَا يُبْكِيكَ ؟ قَالَ : يُبْكِينِي شَيْءٌ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: إِنَّ يَسِيرَ الرِّيَاءِ شِرْكٌ ، وَإِنَّ مَنْ عَادَى ِللهِ وَلِيًّا ، فَقَدْ بَارَزَ اللهَ بِالْمُحَارَبَةِ ، إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الأَبْرَارَ الأَتْقِيَاءَ الأَخْفِيَاءَ ، الَّذِينَ إِذَا غَابُوا لَمْ يُفْتَقَدُوا ، وَإِنْ حَضَرُوا لَمْ يُدْعَوْا وَلَمْ يُعْرَفُوا ، قُلُوبُهُمْ مَصَابِيحُ الْهُدَى ، يَخْرُجُونَ مِنْ كُلِّ غَبْرَاءَ مُظْلِمَةٍ.أخرجه ابن ماجة (3989).